تتسم العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية بكونها علاقات تاريخية تقوم على التواصل والود والمحبة بين قيادتي وشعبي البلدين وتشهد تطوراً مستمراً على كل المستويات انطلاقاً من الثوابت والرؤى المشتركة التي تجمع بينهما تجاه مختلف القضايا.
وعادة ما تكون السعودية المحطة الأولى في زيارات المسؤولين الباكستانيين المدنيين والعسكريين عند توليهم مناصبهم، الأمر الذي يعكس برأي مراقبين عمق ومتانة العلاقات الثنائية، والأهمية التي توليها إسلام آباد تجاه الرياض.
ووصل صباح اليوم، قائد الجيش الباكستاني، الفريق أول قمر جاويد باجوه، إلى العاصمة السعودية الرياض في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام، هي الأولى له خارج باكستان منذ توليه منصبه نهاية الشهر الماضي.
وكان في استقبال قائد الجيش الباكستاني لدى وصوله، مساعد وزير الدفاع محمد بن عبدالله العايش، حسب بيان صادر عن الجيش الباكستاني الذي أوضح أن الفريق أول قمر جاويد باجوه سيجري خلال الزيارة مشاورات مع كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في السعودية.
علاقات متميزة
تعتبر العلاقة الثنائية بين البلدين رائدة سياسياً واستراتيجيا، إضافة في التبادل التجاري والثقافي والديني، وتهدف الزيارات الثنائية على كافة المستويات بين الجانبين السعودي والباكستاني لتعزيز أواصر الصداقة والتعاون بين البلدين بغية تطوير تعاون مستمر على كافة الأصعدة، إضافة إلى جولات المحادثات المستمرة والشاملة والتي تتضمن الموضوعات الثنائية والاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، والتي كانت دائماً تتسم بروح من المودة والدفء وأظهرت تطابقا في الآراء وتفاهما أخويا بين الجانبين.
خلال الفترة القريبة الماضية، كانت باكستان من أوائل الدول في العالم التي بادرت بإدانة الاعتداءات الإيرانية على مقار البعثات الدبلوماسية في طهران ومشهد، وجددت إدانتها للاعتداء بعد الحادثة بأيام، وعبرت عن إيمانها بضرورة احترام الأعراف الدولية والالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، مؤكدة على أنها ستقف إلى جانب المملكة ضد أي تهديد يمس سيادتها ووحدة أراضيها.
كما أن انضمام الجمهورية الباكستانية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب والذي انطلقت فكرته من المملكة وسيكون مقره الرئيس في عاصمتها الرياض، هو أبلغ دليل عن مدى توافق الرؤى الإستراتيجية للبلدين في مختلف القضايا وعلى رأسها سبل محاربة الإرهاب.
وأعلنت إسلام آباد في هذا الصدد أنها ترحب بأي جهود إقليمية أو دولية لمكافحة الإرهاب والتطرف، ويعد التعاون الأمني والعسكري من بين أبرز أوجه التعاون بين الرياض وإسلام آباد، حيث تكررت زيارات الوفود الدورية لمسؤولي البلدين، واستمرت التمارين والدورات العسكرية المشتركة، ويجري البلدان تدريبات دورية تجري بالتناوب في البلدين باسم الصمصام عقد آخرها في المملكة في شهر أبريل العام الماضي.
كما أجرت المملكة وباكستان مؤخراً تدريبات مشتركة لقوات مكافحة الإرهاب، وعادة تهدف هذه التدريبات العسكرية إلى تنمية وتبادل الخبرات بين قوات البلدين، وتعكس ما توصلت إليه العلاقات العسكرية بينهما. وفي مجال التعاون السياسي يحرص الجانبان على تبادل الآراء حول التطورات الإقليمية والدولية، مع التأكيد الدائم على التزامهما بمبادئ الشرعية الدولية وأهمية الحفاظ على السلام والاستقرار الدوليين، في ظل استمرار الاتفاق على العمل المشترك لحل النزاعات القائمة في المنطقة على ضوء هذه المبادئ.
دعم قرارات المملكة
كان الشعب الباكستاني أول الداعمين لقرار المملكة بالدفاع عن الأراضي اليمنية ضد ميليشيا الحوثي، حيث تظاهر آلاف الباكستانيين في مدينتي كراتشي وإسلام أباد، لحث الحكومة على إعادة النظر في طلب السعودية مساعدة عسكرية في الأزمة اليمنية بعد أن رفض البرلمان الطلب.
وكان برلمان باكستان رفض الانضمام إلى التحالف العربي الذي تزعمته السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، داعيا الأطراف إلى إيجاد حل سياسي للنزاع اليمني، وفي قرار اتخذه النواب الباكستانيون بالإجماع دعوا إلى الدفاع عن وحدة الأراضي السعودية إذا هددتها الأزمة اليمنية، لكنهم رفضوا طلب المساعدة الذي قدمته السعودية، وطلبوا من الحكومة الاضطلاع بدور الوسيط في هذا النزاع.
وتحتفظ باكستان بعلاقات عسكرية وثيقة مع المملكة، حيث يقوم الجيش الباكستاني بتطوير الجيش السعودية من مشاة وسلاح جو، وأيضا مولت المملكة سرا برنامج لصناعة قنبلة ذرية إسلامية في باكستان، وشراء أسلحة نووية من باكستان لتمكينها من مواجهة تهديدات محتملة من إيران و إسرائيل.