استنكر باكستانيون غاضبون اتهامات الرئيس الاميركي دونالد ترامب لبلادهم بايواء متمردين، مشددين على الخسائر الفادحة التي لحقت بهم جراء تصديهم للتطرف منتقدين في الوقت نفسه انفتاحه على نيودلهي العدو اللدود لاسلام اباد.
وكان الرئيس الاميركي وجه انتقادات حادة لباكستان هذا الاسبوع مع اعلانه استراتيجيته الجديدة في افغانستان، والتي تمهد لنشر مزيد من الجنود الاميركيين في البلاد بدون اي اطار زمني.
واتهم ترامب باكستان، حليفة الولايات المتحدة، بممارسة سياسة "اللعب على الحبلين" عبر قبولها مساعدات اميركية من جهة، وتقديم ملاذ آمن لمتمردين يقتلون قوات افغانية وقوات تابعة لحلف شمال الاطلسي.
وقال ترامب "نسدد لباكستان مليارات الدولارات فيما يقومون بايواء الارهابيين الذين نقاتلهم".
وتعتبر باكستان الهند التي تمتلك السلاح النووي تهديدا وجوديا لها، الا انها غير قادرة على الحاق الهزيمة بها في ساحة المعركة، لذا فقد وضعت استراتيجية تقوم على دعم الجهات الداعمة للمتمردين، بمن فيهم مقاتلو طالبان افغانستان.
فجماعات كتلك قادرة على ارباك الهند في كشمير المتنازع عليها في الهيملايا، وفي افغانستان تساعد على منع قيام حكومة مدعومة من الهند.
ولا قدرة للمدنيين الباكستانيين على التأثير في الاستراتيجية الاقليمية. وهم خسروا منازل واحباء في اعمال العنف التي ترافق التمرد الذي حصد الآلاف في باكستان منذ 2007.
واستفزت تصريحات ترامب الكثيرين منهم واغضبتهم.
وكتب بشير فرهد على فيسبوك "نحن نخوض حربك منذ عقد، لقد خسرنا العديد من المدنيين، والعسكريين، وحتى تلاميذ". وتابع فرهد "اليوم تقول هذا للتغطية على فشلك في افغانستان؟"
ويعتبر عدد من سكان اسلام اباد ان باكستان تعامل على انها كبش فداء بعد ان استُدرجت الى النزاع عقب الاجتياح الاميركي لافغانستان في 2001.
ويقول امير حمزة "كل السوء الذي نتعرض له سببه دعم الولايات المتحدة في افغانستان". ويضيف حمزة "كيف يمكن لبلد يقع تحت قبضة الارهاب ان يأوي ارهابيين".
وفي بيشاور في شمال غرب باكستان يقول المصرفي سهيل احمد ان القوات الباكستانية والشرطة ادت عملها وطردت المتمردين من المنطقة التي عانت الامرين منذ سنوات جراء اعمال العنف المرتبطة بالتمرد.
ويتابع احمد (24 عاما) "نحن الباكستانيين عانينا من الارهاب، ولكن الارهابيين الآن اما قتلوا واما فروا الى افغانستان".
ويضيف احمد "السلطة في افغانستان بيد الولايات المتحدة، لم لا يتصدون للارهابيين ويقتلونهم هناك؟"
في موازاة ذلك، يقترح آخرون التخلي كليا عن التحالف مع الولايات المتحدة والانفتاح على الصين، التي اغدقت عشرات المليارات لتمويل استثمارات البنى التحتية في باكستان في السنوات الاخيرة.
ويقول سخاوت شاه الطالب في كلية بيشاور "لطالما مارسوا ضغوطهم علينا من اجل القيام بالمزيد. قد يكون هناك اصوات مؤيدة للولايات المتحدة ولكنني اعتقد انه يجب علينا ان نتقرب من الصين".
- ترامب كاذب -
وجهت كبرى الصحف المحلية في افتتاحياتها تحذيرا لترامب بعد ان دعا الهند، العدو اللدود لباكستان، الى ترسيخ التزامها في افغانستان، وهو ما يخشاه الجيش الباكستاني.
وتعتبر باكستان الهند خطرا وجوديا عليها، ويرجح محللون عدم تخليها عن الجهات الداعمة للتمرد في افغانستان بخاصة اذا مالت الولايات المتحدة الى الهند، وهو ما اشار له ترامب في خطابه.
وكتب الصحافي زاهد حسين في مقال في صحيفة "الفجر" الباكستانية "ادارة ترامب، كما الادارات الاميركية السابقة تريد تعاونا غير مشروط، وتتجاهل مصالح اسلام اباد بشكل تام".
واضاف حسين "المسؤولون الباكستانيون يؤكدون ان ترامب تخطى الحدود بجعله الهند جزءا من استراتيجيته في افغانستان".
بدوره يقول المحلل رحيم الله يوسفزاي لفرانس برس "من جهة تطلب الولايات المتحدة مساندة باكستان ومن جهة اخرى تطلب مساندة الهند". ويتساءل يوسفزاي "كيف يمكن لباكستان المساندة في مسألة تعزز سطوة الهند في افغانستان؟"
وفي كراتشي التي بدورها عانت طويلا من اعمال العنف المرتبطة بالتمرد، يقلل اصحاب المحال من اهمية انتقادات ترامب.
ويقول راشد محمود (40 عاما) "علينا تنظيف الفوضى التي تسببنا بها، وعدم الاعتماد على اي كان".
ويعتبر آخرون ان لدى الباكستانيين مشاكل اكبر من ترامب والمتمردين.
ويقول مؤمن خان (42 عاما) "لصوص الشوارع هم كابوسنا اليومي... وآخر ما يشغلنا هو ما تقوله الولايات المتحدة"، ويضيف صاحب محل البقالة "ترامب كاذب ومعاد للاسلام".
وكالة الصحافة الفرنسية