مذابح الهندوس.. على خطى الإرهاب الصهيوني

بدر حسن
في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بالتطورات المأساوية في الأراضي المحتلة، والتي تتمثل في قيام قوات الاحتلال الصهيوني باقتحام المدن الفلسطينية، وقتل الأبرياء من الرجال والشيوخ والنساء والأطفال.. تقوم القوات الهندوسية في الهند بنفس الأعمال تقريباً في ظل صمت، بل إن شئنا الدقة تحريض من الحكومة الائتلافية الحالية التي يأتي على رأسها المتطرف الهندوسي أتال بيهاري فجباي الذي يرأس حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي المتطرف.. فقد استغل الهندوس هذا التأييد الرسمي لهم من قبل الحكومة وأرادوا منتصف الشهر الماضي إقامة معبد هندوسي لهم على أنقاض أحد أشهر المساجد الإسلامية، المسجد البابري الذي قاموا بهدمه عام 1992بتأييد من الحكومة لكن المسلمين تصدوا لهم مرة أخرى خاصة وأن المحكمة الهندية منذ هدم المسجد البابري لم تفصل في ملكية الأرض التي أقيم عليها المسجد، وكذلك الأرض المجاورة له، ومعنى ذلك بقاء الوضع على ما هو عليه لحين الفصل في القضية. لكن الهندوس شأنهم في ذلك شأن الصهاينة لا يحترمون أية قرارات فقاموا الشهر الماضي - في ظل صمت حاكم ولاية جو جارات الهندوسي الذي يقع المسجد في إطارها - بالتحرك من أجل وضع النواة لهذا البناء الأمر الذي دفع أحد المسلمين إلى رفع دعوة بشأن رفض أية محاولة لتغيير الوضع الراهن، وبالفعل استجابت المحكمة لذلك وقررت عدم السماح للهندوس بإقامة الاحتفالات الخاصة بوضع نواة المعبد في المنطقة.. وفي محاولة منها للالتفاف على حكم المحكمة قامت الحكومة الإقليمية برئاسة حاكم الولاية بتقديم البديل للهندوس حيث أعلنت أنهم يمكنهم القيام بهذه الاحتفالات في الأرض المجاورة،بل قدم أحد الهندوسيين المتطرفين عرضاً على المسلمين يحمل نوعاً من الخبث والدهاء حيث طلب من مسلمي الولاية (وهم أقليه يشكلون 9% في حين أن الهندوس يشكلون النسبة الباقية) أن يوافقوا على السماح ببناء المعبد الهندوسي في الأرض المجاورة لحين البت في قضية الأرض المتنازع عليها، ومعنى ذلك أن المعبد سيقام سواء حكمت المحكمة لصالح الهندوس أم لصالح المسلمين.. ونتيجة لرفض المسلمين هذا العرض حدث أن ارتكبت أعمال قمع وقتل بربري ووحشي ضد الأطفال والنساء والرجال أيضاً، بل قام هؤلاء المتطرفون بحرق المسلمين أحياء، فضلاً عن اغتصاب النساء، ولم تقم الحكومة الإقليمية باتخاذ أية خطوات فعلية ضد هؤلاء المتطرفين..

الأمر الذي أثار حفيظة بعض الأحزاب الائتلافية في الحكومة المركزية في الهند، حيث طلبت هذه الأحزاب من فاجباي ضرورة إقالة حاكم الولاية لكنه لم يفعل ذلك، بل إن الحكومة الهندية عملت على تمرير قانون جديد لمكافحة ما أسمته بالإرهاب، ويقصد به تصفية المسلمين والمنظمات الإسلامية التي تطالب بالحفاظ على الحقوق الأساسية لمسلمي الهند والذين يزيد عددهم عن 150 مليون مسلم وبالرغم من ذلك فهم محرومون من حقوقهم الأساسية، ويسمح القانون الجديد بالقبض على الأشخاص دون محاكمة واحتجازهم لفترة طويلة تصل إلى 90 يوماً دون محاكمة، وكذلك إمكانية تجميد نشاط المنظمات الإسلامية في الهند خاصة تلك التي تدافع عن حقوق المسلمين في الهند وإقليم كشمير المحتل.

وبالفعل قامت الحكومة بتمرير القانون الجديد في السادس والعشرين من مارس الماضي حيث قامت بدعوة مجلسي الشيوخ والنواب للاجتماع معاً وهو أمر لم يحدث سوى مرتين فقط في تاريخ الهند منذ استقلالها عام 1947.

وبعد إقرار المشروع الذي انتقدته المعارضة - على اعتبار أنه لا يهدف فقط القضاء على القوى الإسلامية الداعمة لـكشمير؛ وإنما القضاء على المعارضة السياسية وتنظيمات المجتمع المدني - قامت الحكومة بتنفيذه على أرض الواقع حيث أعلنت وضع جماعتي (البدر والمجاهدين) اللتين تؤيدان حقوق المسلمين في كشمير ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها الحكومة بمثل هذا الإجراء؛ فقد سبق لها أوائل هذا العام وبموجب القانون السابق لمكافحة الإرهاب بإعلان جماعتي (جند محمد والعسكر الطيبة) الكشميريتين ضمن قوائم المنظمات الإرهابية، وهكذا يستمر السحق الهندوسي للمسلمين الأمر الذي أثار حفيظة حتى قوى المعارضة من غير المسلمين على اعتبار أن العنف الهندوسي يطول هذه القوى أيضاً سواء أكانت بوذية أو مسيحية.. حيث أن الهندوس لديهم عقيدة فاسدة بأنهم من أفضل الأجناس، وأن ما عداهم هم من الأنجاس، تماماً كما يروج الصهاينة مقولة أنهم شعب الله المختار.. أو كما قالوا: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة:18].

إن ما يحدث اليوم في الهند هو أشبه بما يفعله الصهاينة في الأرض المحتلة؛ فالصهاينة يزعمون أن هيكل سليمان موجود أسفل المسجد الأقصى، وأن هذا المسجد بني على أنقاضه، وكذلك الهندوس يذهبون إلى نفس الأمر حيث يزعمون أن مكان المسجد البابري كان مقراً ومعبداً للإله رام إله الحرب، وأن المسلمين المغول قاموا في القرن السادس عشر ببناء المسجد مكان المعبد، ومن ثم لا بد من إقامة المعبد من جديد، وكما أن هناك جماعة يهودية متطرفة تطلق على نفسها جماعة أمناء الهيكل وتهدف إلى هدم المسجد وإقامة المعبد، كما تم اكتشاف قيام القوات الصهيونية بمحاولة العبث في أساسات المسجد من أجل هدمه، بل أكثر من ذلك قيامهم بإقامة نفق أسفله!.. فإن الهندوس ذهبوا إلى مثل ذلك لكنهم تمكنوا بالفعل من هدم المسجد البابري ويرغبون اليوم في إقامة المعبد مكانه من خلال جماعة فيشوا هندو باري شاد، ولما وجدوا أن هناك صعوبة الآن في تنفيذ هذا المخطط الشيطاني اقترحوا إقامة المعبد مؤقتاً في منطقة مجاورة لحين صدور قرار المحكمة ولعل هذا الوضع يذكرنا بإصرار اليهود على وجود مكان لهم في المسجد الأقصى أو بجواره.. وهنا ظهر الحديث عن حائط المبكى الذي هو في الأساس يطلق عليه عند المسلمين اسم البراق.
الصهيونية والهندوسية وجهان لعملة واحدة

قد يخطئ من يظن أن الممارسات الهندوسية الحالية هي نتاج اللحظة وإنما هي نتائج ميراث طويل من العداء ليس للمسلمين فحسب وإنما لجميع الطوائف الأخرى غير الهندوسية.. هذا العداء وليد المعتقدات الخاطئة لدى الهندوس والتي تعود إلى أربعة آلاف عام، فالديانة الهندوسية - إن جاز لنا أن نطلق عليها اسم ديانة - قائمة على تكريس مبدأ الطبقية حتى داخل المنتمين إليها ذاتياً، فهناك طبقة البراهمة - الحاكمة - والتي لا تمثل سوى 10% من إجمالي السكان، هذه الطبقة تنظر باستعلاء إلى الطبقات الدنيا بما فيها طبقة الفقراء من الهندوس، فوفقاً لمعتقداتهم فهم خلقوا من رأس الإله رام، أما فقراء الهندوس ويطلق عليهم المنبوذين فقد خلقوا من قدم الإله كناية على أنهم يجب أن يخدموا البراهمة كما أنهم لا يجب أن يسكنوا معهم في مكان واحد أو أن يشربوا من المياه التي يشربون منها.

وبنفس الأمر ينظر الهندوس إلى المسلمين حيث يطلقون عليهم اسم ميليس أي الأنجاس، وينظرون إليهم نظرة استعلاء وكره، وقد ظهرت هذه النظرة بوضوح عام 1947هـ عندما تم تقسيم شبه القارة الهندية إلى دولتين هما باكستان والهند، حيث سيطر البراهمة بزعامة نهرو على الحكم، ومن ثم تمكن هؤلاء من التنكيل بالمسلمين في الهند أشد تنكيل، ووصل عدد من تم قتلهم من المسلمين على أيدي الهندوس لأكثر من نصف مليون شخص، واضطر أكثر من نصف مليون مسلم إلى الهجرة إلى باكستان المجاورة، كما تم اغتصاب مئات الآلاف من النساء والمسلمات.

ولعله من قبيل المفارقة أنه في الوقت الذي صدر فيه قرار التقسيم بالنسبة للهند صدر قرار التقسيم بالنسبة لفلسطين، وفي الوقت الذي قام فيه الهندوس بارتكاب هذه المذابح تم إعلان قيام دولة العدو الصهيوني التي راحت هي الأخرى تقتل وتغتصب وتستبيح أعراض الفلسطينيين.

الكعبة معبد هندوسي!

وكما تزعم إسرائيل أن حدودها لا تقتصر على تلك الحدود التي رسمها قرار التقسيم الصادر من مجلس الأمن ويحمل رقم 181 لعام 1947؛ وإنما تمتد في المنطقة من النيل إلى الفرات كما هو مبين في الخريطة الموجودة في الكنيست الإسرائيلي، أي أنها ستسيطر على أجزاء من مصر والعراق، بل وأجزاء من المملكة العربية السعودية بما فيها المدينة المنورة - حيث مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم - نجد أن الهندوس يذهبون إلى نفس الأمر، فمنذ استقلال الهند عام 1947م أعلن نهرو عن نواياه الاستعمارية والتي أوضحها في كتابه المعروف باسم «اكتشاف الهند» حيث أوضح نهرو أن الهند لا يمكن لها أن تلعب دوراً من الدرجة الثانية في الشئون العالمية فهي إما ترى نفسها قوة عظمى وإما أن يكون لا وجود لها. هذه النوايا الاستعمارية فسرها بصورة أكثر وضوحاً أحد كبار الخبراء في وزارة الخارجية الهندية ويدعى (ايس ارباتيل) في كتابه الشهير بعنوان «السياسة الخارجية الهندية » حيث أشار في الكتاب إلى أنه بعد رحيل المستعمر البريطاني فإنه ترك فراغاً في المنطقة، وبما أن للهند قوة بحرية عظيمة فمن الضروري أن يتحول المحيط الهندي من سنغافورة إلى السويس إلى خليج تملكه الهند. بل أكثر من ذلك.. فكما أن للصهاينة أطماعاً في المقدسات الإسلامية فإن للهندوس أطماعاً فيها أيضاَ وردت في كتاب بعنوان «من أخطاء التأريخ للهند"وتحت عنوان تجاهل الأصل الحقيقي للكعبة كمبعد هندوسي يزعم مؤلف الكتاب أن الكعبة كانت معبداً للإله رام؛ وأنه مع مجيء محمد صلى الله عليه وسلم - قام بتحويلها إلى مسجد، وأنه لا بد أن يأتي اليوم الذي يعود فيه الهندوس إلى الجزيرة العربية ويقومون ببناء معبد الإله رام على أنقاض الكعبة! بل يزعم هؤلاء أن مناسك الحج لدى المسلمين مقتبسه منهم، فكما أن الحاج يرتدي الثياب البيضاء غير المخيطة ويغطي أحد كتفيه، كما يقوم بقص شعره عند الفراغ من مناسك الحج، فإن هذه الطقوس هي أيضاء طقوس الهندوسية القديمة لدخول الأماكن المقدسة. وهكذا يتضح لنا كيف أن الممارسات الهندية ضد المسلمين تشبه الممارسات الصهيونية الحالية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، لكن يبدو أن الهنود يستغلون الانشغال الإعلامي العالمي بقضية فلسطين ويقومون بسحق المسلمين دون ضجيج.

إن مسلمي الهند يستغيثون.. والأوضاع في كشمير المحتلة أشبه بالأوضاع الحالية التي يعيشها الفلسطينيون، ومن ثم فإن هناك عدة واجبات يتعين القيام بها الآن لنصرة هؤلاء منها:

1-     الدعاء لهم، واستحضار قضيتهم في ضمائر الأجيال الجديدة
2-     قيام الدول العربية والإسلامية بمقاطعة الهند اقتصادياً على الأقل حتى تعطي الشعب الكشميري حقه في تقرير المصير وفق قرارات الشرعية الدولية.
3-     طرد العمالة الهندية العاملة في الدول العربية والإسلامية خاصة في دول الخليج.
4-     التعريف بالقضية إعلامياً.. خاصة لدى قوى الضغط العالمية ومنظمات حقوق الإنسان.
5-     العون المادي الفعال، من خلال التبرعات المتنوعة لدعم جهاد المسلمين في كشمير، وهناك قنوات عديدة يمكن الاستفادة منها في توصيل هذا الدعم، وإن كانت هذه الوقفة لا تسع للاسترسال فيها.


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة