مجموعتين من الصور تسكن الذاكرة في كشمير المحتلة.
الأولى: سلسلة من الصور لناس يرشون جرادل مياه لغسل الدم من شوارع كشمير، حيث قامت القوات الهندية بقتل 45 شخصا على الأقل منذ 9 يوليو. وجاء الآلاف للاحتجاج وحدادا على وفاة زعيم المتمردين الذي قتل في مواجهة مع الجيش والشرطة الهندية.
المجموعة الأخرى من الصور هي لعشرات الشبان مع ضمادات على أعينهم، قبل أو بعد خضوعهم لعملية جراحية لإزالة كرات حديدية صغيرة من شبكية العين. القوات الهندية المنتشرة في كشمير تقوم الآن بشكل روتيني باستخدام بنادق رش كرات حديدية صغيرة لإحباط المظاهرات.
المجموعة الأولى من الصور هي لشييء مشهود تقريبا على مدار عقود، القوات الهندية وشرطة الولاية التي تفرض حكم الهند حول كشمير يطلقون النار على المتظاهرين طالما كانت هناك احتجاجات، وهذا استمر على مدى وقت طويل: 27 عاما إذا كنت تعد منذ بداية الانتفاضة المسلحة والشعبية ضد الهند في 1989؛ و70 عاما إذا كنت ترسم تاريخ شبه القارة الهندية منذ عام 1947 عندما تم ترك إقليم كشمير دون حل بعد رحيل البريطانيين. وأكثر من ثمانية عقود إذا عدنا إلى يوليو 1931، عندما قتلت قوات الملك آنذاك 22 من المحتجين.
المجموعة الثانية من الصور هي جديدة نسبيا، وهي ثمرة الأسلحة"غير القاتلة"التي أدخلتها الحكومة الهندية في كشمير عام 2010. تلك الصور تطارد عقلك وأنت تنظر إلى عيون دامية قد لا ترى النور مرة أخرى.
مثل هذه الشراسة في الاستجابة من الاحتلال العسكري الهندي تجاه الانتفاضة الأخيرة التي عانى ما يقرب من 2000 شخص بإصابات بالغة أو متوسطة في يومين فقط، في نوع من النوبات الجنونية الانتقامية، هاجمت القوات شبه العسكرية سيارات الإسعاف وحطمت النوافذ وقطعت الحقن الوريدية.
كما شنت الحكومة الهندية وممثليها الموالين حملة ضارية ضد الاتصالات ووسائل الإعلام الاجتماعية والحريات المدنية. هناك حظر تجول شبه كامل في كل مكان. الهواتف لا ترن في جنوب كشمير، حيث حدثت معظم أعمال القتل، ويتم حظر الإنترنت.
أفاد أحد الأصدقاء عن زيارة في كشمير أن المريض لا يستطيع الوصول إلى المستشفيات ولا العثور على الأدوية، باختصار، حصار ساحق آخر ينضم إلى تتابع عقود طويلة من الحصار. العالم لا يزال لا يعرف سوى"الهند دولة ديمقراطية”.
في تعنتها بشأن كشمير، الولاية الهندية، من بين أمور أخرى، شنت حرب إعلامية تخبر فيها نفسها ومواطنيها عبر وسائل الإعلام الخانعة أنه لا يوجد أي خلاف، أنه شأن داخلي – ومهما كانت المشاكل هناك هي عمل الجهاديين من باكستان (حيث هناك نزاع إقليمي حول كشمير بين الهند وباكستان).
يبدو أن الدولة الهندية الآن تصدق أوهامها الخاصة، التي تجعلها تتصرف عن طريق السحق في كل مرة يعبر فيها الكشميريين عن غضب أو مطالب سياسية، فالأمر أصبح كما لو أن الهند يجب عليها أداء مناسك العنف الوحشي على الجسد الكشميري لإبقاء ترويضه.
في عام 2008، تم قتل 60 شخصا عندما احتج الكشميريين ضد منح مئات الأفدنة من الأراضي إلى معبد للديانة الهندوسية، حيث يعتقدون أن هذه محاولة هندية لتغيير ديموجرافية منطقتهم ذات الأغلبية المسلمة. في عام 2009، اندلعت الاحتجاجات لأسابيع بعد تجاهل السلطات اغتصاب وقتل اثنين من الإناث في شمال كشمير بوصفها حادثة غرق.
في عام 2010، تم ذبح 120 شخصا، بما في ذلك مراهقين، في الشوارع وتدمير مئات العائلات. ولم يتم حتى توجيه اتهام لعضو واحد من القوات المسلحة عن تلك حالات القتل، وهذا هو بالضبط السبب في أن الجنود يقتلون مرارا وتكرارا.
تناقش صناع القرار في كشمير ودلهي حول أي نوع من الأسلحة يتم استعماله ضد أناس غالبيتهم بكل بساطة لا يريدون أن يكونوا مع الهند، وخرجت الدولة بشيء قد يحبط ويصيب المتظاهرين ولكن لا يقتلهم ألا وهو"بنادق كريات الحديد”.
خلال الأسابيع الماضية، أجرى أطباء العيون في كشمير عشرات العمليات في محاولة لإزالة الكريات من شبكية العين. وقال أحد الأطباء إن معظم المرضى سوف يفقدوا بصرهم إلى الأبد. وقال آخر"إنه مصير أسوأ من الموت”. لا يوجد أي بلد آخر تعمي عمدا الشباب.
وقُتل أكثر من ١٠٠، وإصابة أكثر من ٣٠٠ بالعمى، وزاد الجرحى عن١٠٠٠٠؟!
في الوقت نفسه يتم دفن الموتى في مقابر الشهداء، معظم المناطق، في المدن والقرى لديها واحدة من تلك المقابر لتذكر قتلاهم. هؤلاء الجرحى سيعيشون في ظلام جزئي أو كلي بقية حياتهم. يقول الكشميريون"الاستقلال هو خيار أفضل بشكل مطلق”.
الجارديان- ميرزا واحيد