دور باكستان في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة

جنديان باكستانيان من قوات حفظ السلام، 
وهما جزء من مهمة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو
لقد غطت عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تاريخ طويل وباق في الأذنان بالإتحاد الباكستاني مع الأمم المتحدة, فقد انضمت باكستان للأمم المتحدة عام 1947 مباشرة فور حصولها على الاستقلال. كما إن مشاركة باكستان في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والتي يرجع تاريخها إلى الستينيات يرجع إلى إنه كان قرار باكستان للانضمام لمجهودات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة, في نفس مسار رؤية مؤسسها, فقد كان محمد علي جناح داعمًا عظيمًا لهذا الفكر كشاهد من مقولته "إن سياستنا الخارجية تتسم بالودية وحسن النية تجاه كل شعوب العالم. فنحن نؤمن بمبدأ الأمانة والمنافسة الشريفة سواء ان هذا في المعاملات الوطنية أو الدولية وإننا مجهزون لبذل أقصى مشاركاتنا لترويج السلام والرخاء بين كل شعوب العالم. وإن باكستان لن تدخر وسعًا في بذل ما لديها من مواد ودعم معنوي لكل الشعوب المظلومة والمقموعة في العالم رافعة بذلك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

بدأت مشاركة باكستان في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عام 1960 بعملية انتشار للقوات في الكنغو, و منذ ذلك الحين فإن أعداد كبيرة من الجنود, و المدنيين, و رجال الشرطة, و قوات الخدمات الطبية, تشارك بانتظام في مهام عديدة و قامت بإجراء مجموعة من الأنشطة تحت لواء الأمم المتحدة, بدءا من المساعدات الإنسانية ووصولا الى العمليات الأمنية المشددة.

إن مساهمة باكستان في مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة معترف بها على نحو لا يقل عما قاله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عام 2013 خلال زيارته لباكستان. فقد قال: "إنني بصفتي أمين عام للأمم المتحدة أعرب عن امتناني, كما أعرب عن امتناني مرة أخرى بصفتي مواطن في هذا العالم, تجاه ما فعلته و تفعله باكستان و شعبها في سبيل السلام و الأمن العالمي"

نحن مدينون لطبيعة التحديات المواجهة خلال عملية نشر القوات, و عليه فإنه من منطلق إدراك باكستان بالتدريبات المركزة لقواتها, فإنها قد أنشأت معاهد تدريبية متطورة جدآ. 


مركز السلام والاستقرار الدولي (CIPS) والذي قد تم إنشاؤه بالجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا (NUST) في أول مارس من عام 2013 وتم افتتاحه بواسطة الأمين العام للأمم المتحدة سعادة بان كي مون. وإنه خلال ثناء فخامة الضيف على مساهمة باكستان في مجهودات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة, فقد قال: "إن أكثر من 100 دولة قد ساهمت بقواتها وشرطتها لمهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بينما تعتبر باكستان الأولى. وإنه من المستحيل أن نتحدث عن تاريخ الأمم المتحدة في حفظ السلام دون أن نسلط الضوء على مساهمات هذا البلد" 

إن مركز السلام والاستقرار الدولي CIPS لديه نظام تدريبي شامل لعمليات حفظ السلام, وعمليات بناء السلام والاستقرار, وعمليات الدعم. كما أن المعهد يركز على الأبحاث ليصل إلى وسائل لحل النزاعات بدون اللجوء إلى استخدام القوة, من خلال التفاوضات.

إن مركز السلام والاستقرار الدولي CIPS يقدم أيضًا برنامج الدكتوراة للطلبة المحليين والدوليين. على نفس المنوال فإن جناح التدريب على حفظ السلام بمدرسة المشاة والتكتيك يعتبر معهد أخر.

إن المساهمة في مهام حفظ السلام ليست خالية من التحديات الخطيرة المتراوحة بين المواجهات الدامية و حتى فقدان الحياة. و على كل الأحوال فإن مساهمة باكستان في بعض عمليات حفظ السلام منذ انضمامها تثير الإعجاب لدرجة الحسد. إضافة لما سبق فقد ضحت القوات المسلحة الباكستانية الشجاعة بالعديد من الأرواح في خدمة الإنسانية المظلومة, في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. فقد كان لهم نصيب يثير الدهشة بالنسبة للشهداء فقد وصل العدد إلى 138 شهيد منهم 22 ضابطًا فقدوا أرواحهم لإنقاذ الإنسانية. حال أنها تقدر بحوالي 10% من الإصابات الإجمالية التي تكبدتها مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة منذ بدأها. 

إضافة لهذا فإن أعلى نسبة للضحايا قد تحدث على مدار اليوم الواحد, قد حدثت بالفعل خلال "عملية الدرع المتحد"” Operation United Shield “  في مهمة تابعة للأمم المتحدة في الصومال يوم 05 يونيه عام 1993, و الذي ضحى 24 من جنودنا الشجعان بأرواحهم بينما كانوا يقومون بضمان التأمين للشعب الصومالي, و الرفقاء التابعين للأمم المتحدة و الذين طغى عليهم الثوار.

هذا و يتم رصد يوم الخامس من يونيه كل عام ليكون يوم حفظ السلام الباكستاني. إنه بجانب الضحايا فإنه هناك قائمة طويلة أيضًا من الجراح الخطيرة/الإصابات التي لحقت بالأفراد. إن هؤلاء الضباط قد أصيبوا بإعاقات مدى الحياة خلال خدمتهم للإنسانية. ومما لا شك فيه فإن وصف مساهمة باكستان في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة, والتي تشمل مبعوث خاص/مستشار للأمين العام للأمم المتحدة, ومندوب خاص للأمين العام للأمم المتحدة, ومستشار عسكري لدى DPKO, وكبير المراقبين العسكريين, وقادة قوات ونوابهم.

إن باكستان عبارة عن دولة ديمقراطية محبة للسلام و الطاقة النووية. إنها دولة تفهم تمامًا مسئولياتها الدولية و لن تقصر أبدآ في القيام بها. إن قواتها المسلحة و كذلك مواطنيها على درجة عالية من الاحترافية ولا يعلى عليهم. إنهم على مقدرة كاملة لحماية وطنهم. إضافة الى دفاعهم عن حدودهم الخاصة, فإنهم قادة العالم في مجهودات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. إن أداؤهم في تلك العمليات كان ممتازًا و تم اعتباره دوليًا. إن مساهمتهم الساحقة و تضحياتهم في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لم تكن لأجل أي مكاسب دنيوية أو ثناء شفهي. إن هؤلاء الجنود الشجعان فضلًا عن امتلاكهم ليقين قوي بأنه لا أحد يمكنه الحياة اليوم دون أن يكون قد بذل شيئًا ما لشخص ما ليس باستطاعته رد الدين, فإنهم لديهم عزيمة تتسم برباطة الجأش من أجل إنقاذ الإنسانية, حتى و إن كلفهم هذا حياتهم.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة