بقلم: مجاهد مليجي
يوم 27 أكتوبر هو اليوم
الأسود في ذاكرة شعب كشمير المسلم منذ 67 عام وتحديدا منذ أن هاجمت العصابات الهندوسية
المتوحشة قرى وأحياء المسلمين في ولاية كشمير المسلمة في يوم 27 أكتوبر عام 1947 وغاصوا
في دماء أكثر من 300 ألف كشميري مسلم طوال شهرين متتاليين دون توقف خلال احتلال الولاية
ذات الأغلبية المسلمة.
وهو ما جعل من رقاب
المسلمين ودمائهم ولائم ولغ فيها أعداء الإسلام في فلسطين وفي كشمير في نفس العام وهم
الذين ذكرهم الله في كتابه العزيز قال تعالى: {لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود
والذين أشركوا..} فكانت عصابات الصهاينة تعمل القتل والتهجير للمسلمين في فلسطين في
ذات الوقت الذي تمارس عصابات الهندوس المتوحشة القتل والإبادة الجماعية للمسلمين في
كشمير للإخلال بالتركيبة الديموجرافية من جهة؛ ولإرهاب أبناء كشمير وإرغامهم على الانصياع
للمحتل الهندوسي الجديد ولفرض احتلال الولاية ذات الأغلبية المسلمة بالقوة للدولة الهندوسية
الوليدة آنذاك.
وكما كان الصليبيون
الحاقدون أعداء الإسلام في فلسطين هم من أعطوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون في وعد
بلفور المشئوم عام 1917 ونفذوه على ارض الواقع في عام 1947 ، كانت كشمير المسلمة على
نفس الموعد المشئوم مع المحتل الصليبي الحاقد الذي تواطؤ مع المحتل الهندوسي لتسليمه
كشمير بالقوة المسلحة في نفس العام!! فظهرت الدولة اللقيطة التي تسمى "إسرائيل”
في نفس الوقت الذي احتل فيه الهندوس ولاية كشمير وصارت قضيتي فلسطين وكشمير المسلمة
توأمين في الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية يجسد صراع القوى الاستعمارية الكئيب في
بلاد المسلمين.
ومنذ بدأت العمل في
مهنة صاحبة الجلالة قبل ربع قرن وأنا أحمل على عاتقي هموم الأقليات المسلمة في ربوع
الأرض، وكتبت عنها كثيرا بدءاً بالمسلمين في بورما وفي كشمير وفلسطين وفطاني بجنوب
تايلاند وتركستان الشرقية في جنوب الصين وفي ولاية ماتيلان بالفلبين ناهيك عن المسلمين
في كافة الدول الأفريقية من جنوب ووسط وغرب وشرق أفريقيا إذ تجد بلاد ذات أغلبية مسلمة
يحكمها أقلية مسيحية أو وثنية في أفريقيا التي كانت في معظمها ممالك إسلامية فيما مضى
ويعاني أبنائها من الثالوث القاتل الفقر والجهل والمرض..
وقادني اهتمامي بقضية
كشمير على وجه الخصوص لتلقي دعوة لحضور مؤتمرا دوليا في العام 2000 بمناسبة اليوم العالمي
لكشمير المسلمة في الأمم المتحدة والذي يوافق 5 فبراير من كل عام ، وتمكنت من الوصول
في جولة ميدانية بين المقاتلين على الجبهة في الشطر الباكستاني الى خط المواجهة بين الجيشين الهندي والباكستاني
وأرادت أن أتقدم على ما يسمونه "sezfier”
إلا أن الجيش الباكستاني منعني بالقوة خوفا على حياتي من القنص من جانب الجنود الهندوس
الذين كانوا على بعد اقل من 300 متر على الجبهة المقابلة. والتقيت آنذاك بكافة القادة
الكشميريين والباكستانيين ودونت التطور التاريخي والتطور على الأرض للازمة الكشميرية
من خلال أكثر من 20 حوارا صحفيا أجريتهم في هذه الجولة الكشميرية جسدت كل ملامح القضية
الكشميرية وتركز ما نشرته في ثلاث صحف آنذاك هي البيان الإماراتية والرأي العام الكويتية
ومجلة المجتمع الكويتية في الفترة من فبراير إلى ابريل من نفس العام 2000 فضلا عن النشر
في بعض الصحف المصرية المحلية ومجلة كشمير المسلمة التي كنت أتولى إدارة مكتبا لها
في القاهرة آنذاك ومتابعة إصدارها من مطابع الأهرام إلا أن النفوذ الهندي لم يتركنا
كثيرا وظل يلاحقنا وسبب الكثير من المتاعب حتى توقف طبع المجلة في القاهرة.
التقيت آنذاك بالرئيس
الباكستاني "برفيز مشرف” آنذاك وبـ”سلطان محمود” رئيس وزراء كشمير وبقادة حزب
المجاهدين آنذاك وعلى رأسهم سيد صلاح الدين رئيس الحزب وكنت هناك في ذكرى الاحتفالات
باليوم العالمي لكشمير والذي يوافق يوم 5 فبراير من كل عام.. وكانت كل محافظات باكستان
بلا استثناء تحتفل بأحياء هذا اليوم 5 فبراير من كل عام من خلال المؤتمرات الجماهيرية
لاسيما في كافة أحياء العاصمة إسلام آباد.
كما لفت نظري آنذاك
أن نواصي الشوارع الرئيسية في باكستان كانت تزدحم باللافتات الضخمة وعليها عبارات دعوة
الباكستانيين للدعم والتبرع والتأييد للأشقاء في كشمير وتدعوا علانية من خلال حملات
جماعية لجمع التبرعات للمجاهدين الكشميريين لمواجهة الصلف الهندوسي الوحشي والقمع المتواصل
بحق شعب كشمير الحر الأبي .
كما كان من المشاهد
الرائعة في شوارع كشمير الرئيسية والجانبية وأمام جميع المساجد وجود صناديق دعم المجاهدين
الكشميريين الأشقاء من قبل الشعب الباكستاني الذي كان يساهم عن بكرة ابيه في إحياء
هذه الذكرى الجميلة التي كانت تتعطل فيها كافة المصالح الحكومية ويعتبر اليوم العالمي
لكشمير يوم أجازة رسمي في كافة أنحاء باكستان تضامنا مع أبناء كشمير.
كما كان هناك احتفالا
هاما داعما للمجاهدين والشعب الكشميري في كشمير الحرة في مدينة ” جاهكوتي” الحدودية
والتي يشارك فيه جميع القادة السياسيين الباكستانيين وعلى رأسهم رئيس الدولة فاروق
تارر ورئيس وزراء باكستان آنذاك برفيز مشرف وسلطان كشمير ورئيس وزراء كشمير ورئيس البرلمان
الباكستاني والكشميري إلى جانب أهالي الشهداء من أبناء الشعب الكشميري في المناطق الحدودية
رجالا ونساء في احتفال مهيب .
هذا كله تأثر تدريجيا
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 وانعكست حالة الاضطراب السياسي في باكستان
ووصول جيوش الغزاة إلى أفغانستان وتحالف الهند مع الحلف الصليبي الذي انتقل إلى أفغانستان
لملاحقة الوهم الذي خلقه الأمريكان وأطلقوا عليه ” القاعدة” ليغضوا الطرف عن قضية الشعب
الكشميري الذي يعاني من ويلات الاحتلال الهندوسي الغاشم طوال أكثر من 67 عاماً حتى
اليوم لتكون كشمير الى جانب فلسطين توأمان يعانيان من احتلالين استيطانيين فاشيين متوحشين
يقومون بأعمال الإبادة ويضربون بقرارات الأمم المتحدة عرض الحائط دون التفاتة سواء
من جانب عصابات الصهاينة الإرهابية التي تحكم الكيان الصهيوني المستوطن فلسطين ويهدد
مسرى رسول الإسلام الأعظم محمد بن عبد الله الأقصى المبارك، وكذلك حكومات الهند المتعاقبة
منذ جواهر لال نهرو عام 1948 وحتى اليوم.
نبذة عن قضية كشمير
… لمن لم يتابعها من قبل
- كشمير هي ولاية يسكنها
أكثر من 13 مليون نسمة نسبة المسلمين بينهم تفوق 80% وأثناء تقسيم شبه القارة الهندية
التي ظل يحكمها المسلمون لأكثر من 700 عام متتالية حتى جاء الاحتلال البريطاني وبعد
مقاومته وإجلائه لم يترك الهند كما كانت دولة واحدة ولكنه اعمل الفتن الطائفية بين
أتباع الأديان والمذاهب المختلف وكان نتيجتها ان تقسمت الهند بين أصحاب الديانات الأكبر
وهم المسلمون والهندوس وبعد محاولات لإنهاء نيران الغضب العرقي والديني في الهند بعد
أن حصد أرواح مئات الآلاف غالبيتهم من المسلمين؛ توصلوا إلى تقسيمها بحيث يكون الولايات
ذات الأغلبية المسلمة تنضم إلى دولة باكستان الوليدة والولايات ذات الغالبية الهندوسية
تنضم إلى دولة الهند الوليدة أيضا في طول البلاد وعرضها وبدأوا رسم الحدود على هذا
الأساس .
ولكن الاستعمار دائما
يترك في كل منطقة بؤرة صراع فتحالف مع الهندوس على اقتطاع ولاية كشمير ذات الغالبية
المسلمة إلى الهند لتكون بؤرة توتر وصراع بين البلدين الوليدتين لكي تضعف كليهما وهو
ما كان بعد أن هاجمت العصابات الهندوسية ولاية كشمير في السابع والعشرين من أكتوبر
عام 1947 واعملوا القتل والذبح بينهم طوال شهرين وهب الكشميريين بمعاونة إخوانهم الباكستانيين
لطرد العصابات الهندوسية حتى حرروا ثلث الولاية إلا أن الأمم المتحدة دخلت على الخط
لتثبيت الوضع بتمكين الهندوس من ثلثي الولاية والتحكيم وقضت بإعطاء شعب كشمير الحق
في تقرير مصيره منذ 47 وحتى الآن وصدرت عشرات القرارات الدولية ومن الأمم المتحدة دون
أن تلتزم الهند بأي منها كما هو الحال مع الكيان الصهيوني .
ولم يترك الاستعمار
الصليبي باكستان دولة موحدة ولكنه ظل وراءها حتى قسمها إلى دولتين باكستان الشرقية
وهي اليوم بنجلاديش وباكستان الكبرى الغربية وهي باكستان اليوم لمزيد من تفتيت وحدة
المسلمين في شبه القارة الهندية التي وطدت الهند بعد ذلك علاقاتها بالكيان الصهيوني
” إسرائيل” وتبادلوا الخبرات في القذارة والقمع والقتل والتنكيل بشعبي فلسطين وكشمير
ولازالوا حتى اليوم يبحثون عن حقوقهم الضائعة .
كشمير هي من أجمل المناطق
التي تتمتع بمناخ في غاية الروعة طوال العام ويقع جزء كبير منها على قمم الهمالايا
أعلى قمة جبلية في العالم وكانت يطلق عليها جنة الله في الأرض لجمالها وسحر الطبيعة
الربانية فيها إلا أن الهندوس حولوا الجزء المحرر منها وهي ” ازاد كشمير” إلى ما يشبه
الجحيم بأعمال القتل والحرق والتدمير والتخريب ولازالت حتى الآن تعاني قضية كشمير من
الإهمال من قبل أكثر من مليار ونصف المليار من المسلمين في هذا العالم .. ونحن ندق
ناقوس التنبيه للأمة المسلمة بان إخوانكم في كشمير يعانوا الإهمال والنسيان وعليكم
أن تناصروهم بان تذكروهم وتحيو ذكرى اليوم الأسود الذي قتل فيه الهندوس من إخوانكم
المسلمين أكثر من 300 ألف مسلم خلال 60 يوم بمعدل إزهاق روح 500 مسلم ومسلمة من الأطفال
والنساء والشيوخ في اليوم الواحد .. وليس اقل من مشاركتهم مشاعرهم في هذا اليوم الأليم
.