مساعي ترامب للزج بالهند في أفغانستان قد تؤتي نتائج عكسية

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الهند لمساعدة بلاده في الخروج من المازق الأفغاني مشيرا إلى أن الهند جنت مليارات الدولارات من خلال تجارتها مع الولايات المتحدة ، وأن عليها دفع ثمن لهذا من خلال مشاركة أوسع في الوضع الأفغاني . لكن خبراء أمريكان يرون ان أي مساعدة من الهند قد تعقد الأمور أكثر في أفغانستان .

الحكومة الهندية قدمت ملياري دولار للحكومة الأفغانية كمساعدات من خلال بناء سد مائي وعدد من الطرق وربط أفغانستان بإيران وتدريب 4000 جندي أفغاني في الهند وتقديم بعض المروحيات للجيش الأفغاني . ووعدت قبل عام بتقديم مليار دولار مساعدات للحكومة الأفغانية. لكن المساعدات الهندية لأفغانستان تصل بمجملها إلى 2% فقط من مجمل المساعدات الدولية لأفغانستان .

إذن أين المشكلة ؟

الهند لا تملك حدودا ولا معاول استراتيجية لتغيير الأوضاع في أفغانستان . باكستان تقع بين الهند وأفغانستان ولا يمكن لباكستان قبول أن تقع بين عدوين على الحدود الشرقية والغربية معا.

صناع السياسة الأمريكان بحثوا في خيار دور هندي أوسع كثيرا، لكن حساباتهم سرعان ما أثبت خطؤها : ما هو الدعم الاقتصادي والعسكري والتدريبي أو حتى إرسال قوات برية من الهند لأفغانستان لا يمكن لباكستان إبطاله من خلال دعمها للجماعات المسلحة في أفغانستان؟

رغم كون الهند تملك ثاني أكبر جيش في العالم، الهند لا يمكنها أن تأخذ دور أمريكا في أفغانستان. منذ استقلال الهند عانت القوات الهندية من قلة خبرة قوات المشاة فيها، وفشلت الهند في تدخلها في سريلانكا أواخر الثمانينيات من القرن الماضي بما أسماه خبراء هنود بأنه فيتنام الهندية. الجيش الهندي رغم خطوات التحديث التي يتبعها يجد من الصعب عليه دعم عمليات في مناطق بعيدة .

أي جهود عسكرية هندية يجب أن تتجاوز باكستان، وهذا يتطلب دعما إيرانيا. في الحقيقة من الصعب التفكير في دور هندي ـ سواء اقتصادي أو عسكري ـ في أفغانستان دون أن يكون هناك تقارب هندي إيراني ، وهو ما قد يسبب صداما مع الصقور المعادين لإيران في إدارة ترامب .

دعوة ترامب للهند للعب دور ربما كان القصد منها الضغط على باكستان، التي قد تواجه قطع المعونات الأمريكية لها . قادة الجيش الباكستاني أمامهم خيار، إما الإذعان للضغوط الخارجية وخسارة الفيتو الذي يستخدمونه في زعزعة أفغانستان ، أو القبول بالعقوبات المحتملة . آفاق دور هندي متعاظم في أفغانستان قد يقوي الصقور في إسلام أباد الذين يدعون لتحمل النتائج المحتملة في سبيل منع الحصار الاستراتيجي لباكستان.وجهود ترامب تصب في صالح باكستان ودور قوي لها أكثر مما تصب في وقف تدخل باكستان .

إن لعبت الهند دورا أكبر واستمرت باكستان في دعم المسلحين عبر الحدود ، هذا يمكن أن يفضي إلى انغماس كافة اللاعبين في حرب في الهدف المنشود : القيام بإجراءات لمنع سقوط أراض من الحكومة الأفغانية بيد المعارضة المسلحة .

الهند يمكن أن تقدم المزيد من المساعدات والتدريب العسكري لأفغانستان ، لكن يجب ألا يكون هناك اعتقاد بأن هذا الدعم الهندي سيخفف عن أمريكا هناك . في النهاية فإن على إدارة ترامب إرسال المزيد من القوات الأمريكية والجنود الذين بعضهم عمره أصغر من عمر الحرب التي سيقاتلون فيها في أفغانستان......


واشنطن بوست .

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة